Thursday, March 26, 2009

القصيدة " الجلجلية " التي كتبها عمرو بن العاص الى معاوية

معاويةُ! الحال لا تجهلِ *** و عن سُبل الحقِّ لا تعدلِ
نسيتَ احتيالي قي جُلَّق *** على أهلها يوم لبس الحلي؟
و قد أقبلا زمراً يهرعون *** مهاليع كالبقر الجــــفَّلِ
و قولي لهم : إنَّ فرض الصَّلاة *** بغير وجودك لم تُقبلِ
فولّوا و لم يعبأوا بالصَّلاة *** و رمت النفار إلى القسطلِ
ولمّا عصيت إمام الهدى *** و في جيشه كلُّ مُستفحلِ
أبا البقر البكم أهل الشأم *** لأهل التقى و الحجى اُبتلي ؟
فقلت : نعم ، قم فإنّي أرى *** قتال المفضَّل بالأفضلِ
فبي حاربوا سيِّد الأوصياء *** بقولي : دمٌ طُلَّ من نعثلِ
وكدتُ لهم أن أقاموا الرِّماح *** عليها المصاحف في القصطلِ
و علَّمتهم كشف سوءاتهم *** لردِّ الغضنفرة المقبلِ
فقام البغاة على حيدرٍ *** و كفّوا عن المشعل المصطلي
نسيت محاورة الأشعري *** و نحن على دومة الجندلِ؟
ألين فيطمع في جانبي *** و سهمي قد خاض في المقتلِ
خلعتُ الخلافة من حيدرٍ *** كخلع النعال من الأرجلِ
و ألبستها فيك بعد الأياس *** كلبس الخواتم بالأنملِ
و رقَّيتك المنبر المشمخر *** بلا حدِّ سيف و لا منصلِ
و لو لم تكن أنت من أهله *** و ربّ المقام و لم تكملِ
و سيّرت جيش نفاق العراق *** كسير الجنوب مع الشمألِ
و سيّرتُ ذكرك في الخافقين *** كسير الحمير مع المحملِ
و جهلك بي يابن آكلة الكبود!لأعظم ما اُبتلي
فلو لا موازاتي لم تُطع *** و لولا وجودي لم تقبل
و لولاي كنتَ كمثل النساء *** تعاف الخروج من المنزلِ
نصرناك بجهلنا يبن هند ! *** على النبأ الاعظم الأفضلِ
و حيث رفعناك فوق الرؤوس *** نزلنا إلى أسفل الأسفلِ
و كم قد سمعنى من المصطفى *** وصايا مخصصة في علي!
و في يوم "خُمٍّ" رقى منبراً *** و بلّغ و الصحب لم ترحلِ
و في كفّه كفّه معلناٌ *** يُنادي بأمر العزيز العَلي :
" ألست بكم منكم في النفوس بأولى ؟ " فقالوا : " بلى ففعلي"
فأنحله إمرة المؤمنين *** من الله مستخلف المنحلِ
و قال : " فمن كنتُ مولى له *** فهذا له اليوم نعم الولي
فوال مواليه ياذا الجلال!و عاد معادي أخ المرسلِ
و لا تنقضوا العهد من عترتي *** فقاطعهم بيَ لم يوصل "
فبخبخ شيخك لما رأى *** عُرى عقد حيدرَ لم تُحللِ
فقال : " وليّكمُ فاحفظوه *** فمدخله فيكمُ مدخلي"
و إنّا و ما كان من فعلنا *** لفي النّار في الدرك الأسفلِ
و ما دم عثمان منجٍ لنا *** من الله في الموقف المُخجلِ
إن علياً غداً خصمنا *** و يعتزُّ بالله و المرسلِ
يُحاسبنا عن اُمور جرت *** و نحن عن الحقِّ في معزلِ
فما عذرنا يوم كشف الغطا؟ *** لك الويل منه غداً ثم لي
ألا يابن هند ! أ بعتُ الجنان *** بعهد عهدت و لم توفي لي ؟
و أحسرتَ اُخراك كيما تنال *** يسير الحطاممن الأجزلِ
و أصبحت بالناس حتى استقام لك الملك من مِلك محولِ
و كنت كمقتنص في الشراك *** تذود الظماء عن النتهلِ
كأنَّك أنسيت ليل الهرير *** بصفِّين مع هولها المهولِ
و قد بتَّ تذوق ذرق الّعام *** حذراً من البطل المقبلِ
و حين أزاح جيوش الضلال وافاك كالأسد المبسلِ
و قد ضاق منك عليك الخناق *** و صار بك الرَّحب كالفلفلِ
و قولك : ياعمرو ! أين المفرّ *** من الفارس القسور المسبلِ
عسى حيلة منك عن ثنيه *** فإن فؤاديَ في عسعلِ
و شاطرتني كلّما يستقيم *** من الملك دهر لم يكملِ
فقمت على عجلتي رافعاً *** و أكشف عن سوأتي أذيل
فستَـَر عن وجهه و انثنى *** حياءً و روعك لم يُعقلِ
و أنت لخوفك من بأسه *** هناك ملأت من الأفكلِ
و لمّا ملكت حماة الأنام *** و نالت عصاك يد الأوّلِ
منحت لغيريَ وزن الجبال *** و لم تعطني وزنة الخردلِ
و أنحلتَ مصراً لعبد الملك *** و أنت عن الغيِّ لم تعدلِ
و إن كنتَ تطمع فيها فقد *** تخلى القطا من يد الأجدلِ
و إن لم تسامح إلى ردِّها *** فإني لحوبكمُ مصطلي
بِخَيلٍ جِيادٍ و شمِّ الاُنوف *** و بالمرهفات و بالذبَّلِ
و أكشف عنك حجاب الغرور *** و أيقظ نائمة الأثكلِ
فإنَّـك من إمرة المؤمنين *** و دعوى الخلافة في معزلِ
و مالك فيها ولا ثرة *** ولا لجدودك بــــــــــــــالأوَّلِ
و إن كان بينكما نسبةٌ *** فأين الحسام من المنجلِ؟
و أين الثريا و أين الثرى ؟ *** و أين معاويةٌ من علي ؟
فإن كنتَ فيها بلغتَ المنى *** ففي عنقي عَلق الجلجلِ