Tuesday, February 17, 2009

قصيدة الشاعر بولس سلامة في الامام علي

يا إله الأكوان أشفق عليّا
لا تمتني غِبَّ العذاب شقيََّا
أولني أجر عاملٍ في صعيد الحق يبغي ثوابك الأبديَّا
مصدرَ الحق لم أقل غير حق أنت أجريته على شفتيَّا
أنت ألهمتني مديح علي ّ فهمى غيدق البيان عليَّا
وتخيَّرتَ للأمير وأهل البيت قلباً آثرته عيسويَّا
جل رب الوجود باري البرايا أن يُرى في حنانه حزبيَّا
إنما الخلق كلهم لَعيال الله والشهم من يكون تقيَّا
فيولّي عن الظلام منيراً كل من راح في الظلام غويَّا
تاركاً بعده من الخير دنيا ومن الذكر هيكلاً سرمديَّا
هكذا كان صهر أحمد يضفي نبله ملء سرحة الدهر فيَّا
هو فخر التاريخ لا فخر شعب يدّعيه ويصطفيه وليَّا
ذكره إن عرى وُجوم الليالي شقَّ من فلقة الصباح نجيَّا
لا تَقُل شيعةٌ هُواة عليّ إن في كل منصف شيعيَّا
إنما الشمس للنواظر عيد كل طرف يرى الشعاع السنيَّا
...........
غاص نيرون في دماء النصارى فحباهم زرع الخلود نميَّا
وأراق العبيد مهجة أهل البيت فاستشهد الحسين أبيَّا
ومضى للهلاك وغد زياد ولواءُ الحسين ظلّ عليَّا
دمه السمح جلَّل الدهر فخراً وجرى في العصور خصباً وريَّا
كلَّما أعوز الميامين عزم لمسوه فعاد غضاً طريَّا
من خلال التاريخ زيفه الأعداء يبقى دم الحسين زكيَّا
ذاك أن التاريخ في قيد جور بات سفراً مزوَّراً أمويَّا
لا يضير الإسلام أني هجوت الأمويين قد وصفت الشقيَّا
ليس فيهم غير ابن عبد عزيزٍ مسلماً كان قانتاً صوفيَّا
وسواه ما كان إلا ظلوماً أو خليعاً أو ملحداً وثنيَّا
فابن مروان يوم بُشّر بالسلطان ألقى كتابه علنيَّا
قال للمصحف المجيد: فراقاً لن تراني أتلوك ما دمت حيَّا
فأنا الملك الخليفة ظلّ الله أعلى من النبي صفيَّا
أيكون المليك أدنى مقاماً من رسول؟ إذن أكون غبيَّا
والوليد السكران يمزِق بالنشاب قرآنه ويشتط غيَّا
قل لمولاك إن تجئ يوم حشر قد لقيت الوليد قرماً عتيَّا
وهشام ينحو من الخالد القسريّ في الفسق نهجه الكفريَّا
أوَليس الحجاج أوقح أهل الأرض ذئباً في ظلهم يتفيَّا ؟
ولد الجور يوم مولده المشؤوم فاستعذب الدماء صبيَّا
فهو إبليس ! قد ظلمتك يا إبليس خلقاً ورأفة ومحيَّا
يثرباً قد أباح للجند فالأحدار تلقى الزنجي والنبطيَّا
كعبة الدين من يبح حرميها كيف يخشى من بعد ذلك شيَّا
ليس بدعاً فكل ينبوع شرٍّ كان في أصل أصله عبشميَّا
..........
يا عليّ العصور هذا بياني صغت فيه وحي الإمام جليَّا
أنت سلسلت من جمانك للفصحى ونسَّقت ثوبها السحريَّا
يا أمير البيان هذا وفائي أحمد الله أن خُلقت وفيَّا
وهو جهد المريض ليس عليه من جناح إن لم يدق الثريَّا
حطمت سَورةُ العذاب يراعي واستباحت فمي وغَلَّت يديَّا
أتلوّى على الجراح صباحاً ويفتّ الناسورُ عظمي عشيَّا
فتعجب لسابحٍ في جحيمٍ ردَّه الخطب زورقاً بشريَّا
كدت أقضي لولا النهى والتأسي ونعيم أصيغه وهميَّا
أتأسى بابن البتول فيوليني عزاءً وبلسماً معنويَّا
فاسم عيسى على الشفاه حبيب طاب وقعاً على القلوب نديَّا
شرب الكأس مُرةً وتمنَّى مرفقاً راحماً ولو صخريَّا
أتأسى بهاجر يقطع الصحراء قسراً عن بيته منفيَّا
ما رأى في الحياة ظلّ هناء منذ أن عاد من حراء نبيَّا
أتأسى بالأكرمين خصالاً لم يسيغوا في العمر شرباً مريَّا
بالذي باكر بالشهادة بدريّاً وأغلى إكليلها الكوفيَّا
بجراح الحسين في كل جرحٍ يجد الصبر كهفه الأزليَّا
...............
ويح حظي ! تنوء بالحس أعصابي إذا جلجل الخيال دويَّا
فإن استمسكت فعيد القوافي وإذا ما وهت ذويتُ شجيَّا
ليس عجباً أن يخطئَ الصيد رامٍ أوهن الحظُّ طرفَه العبقريَّا
آه يا داءُ لو تركت لعيني فسحة الأفق ملعباً ورديَّا
أو أزحت الكابوس عن صدري الواهي أعبّ النسيم ورداً شذيَّا
فيسيل الجمال خمرَ حياة وتهلُّ اليراع دفقَ حُميَّا
لتركتُ الغبار للمتنبي ولخلَّفت بعده البحتريَّا
من رأى الأرض حفنة من تراب شاد أحلام قلبه شعر يَّا
................
إنما الشاعر المحلق روض يُترع الأفق بالشذا عنبريَّا
كيفما جئته نشقت عبيراً وتنسمت حلمه السندسيَّا
كلما ازداد من سناً جَنيَ سحر راح في بذله السنا حاتميَّا
يا أمير الإسلام حسبيَ فخراً أنني منك مالئ أصغريَّا
جلجل الحق في المسيحيّ حتى عُدّ من فرط حبّه علويَّا
أنا من يعشق البطولة والإلهام والعدل والخلاق الرضيَّا
فإذا لم يكن عليّ نبيّاً فلقد كان خلقه نبويَّا
أنت ربُّ العالمين إلهي فأنلهم حنانك الأبويَّا
وأنلني ثواب ما سطًّرت كفي فهاج الدموعَ في مقلتيَّا
سفر خير الأنام من بعد طه ما رأى الكون مثله آدميَّا
يا سماءُ اشهدي ويا أرض قرّي واخشعي إِنني ذكرت عليَّا

No comments: